{الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِى أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِى بِضْعِ سِنِينَ} الإشارة فى الألف: إلى أنه ألِفَ صُحْبتنَا مَنْ عَرف عظمتنا. وأنّه أَلف بلاءنا مَنْ عَرَفَ كبرياءنا.والإشارة فى اللام: إلى أنه لزمَ بابنا مَنْ ذاق محابّنا، ولزمَ بساطنَا مَنْ شهد جمالنَا.والإشارة فى الميم: إلى أَنه مُكِّنَ منْ قُرْبنَا مَنْ قام على خدمتنا، ومات على وفائنا مَنْ تحقق بولائنا.قوله: {غُلِبَتِ الرُّومُ}: سُرَّ المسلمون بظفر الروم على العجم_ وإن كان الكفر يجمعهم_ إلا أن الروم اختصوا بالإيمان ببعض الأنبياء، فشكر الله لهم، وأنزل فيهم الأية.. فكيف بمن يكون سروره لدين الله، وحُزنُه واهتمامه لدين الله؟.قوله جلّ ذكره: {لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}.{قَبْلُ} إذا أُطْلق انتظم الأزل، وبَعْدُ إذا أطلق دلّ على الأبد؛ فالمعنى الأمر الأزلىُّ لله، والأمر الأبدىُّ للّهِ لأنَّ الرَّبِّ الأزلىّ والسَّيِّدَ الأبدىّ اللَّهُ.لله الأمرُ يومَ العرفان، ولله الأمرُ يومَ الغفران.لله الأمرُ حين القسمة ولا حين، ولله الأمرُ عند النعمة وليس أى معين.ويقال: لى الأمرُ {مِن قََبْلُ} وقد علمتُ ما تفعلون، فلا يمنعنى أحدٌ من تحقيق عرفانكم، ولي الأمر {مِّن بَعْدِ} وقد رأيتُ ما فعلتم، فلا يمنعنى أحدٌ من غفرانكم. وقيل: {لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ} بتحقيق ودِّكم، والله الامر من بعد بحفظ عهدكم:إني على جفواتها وبربِّها *** وبكلِّ مُتصل بها مُتوسلِ{وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ}:اليومَ إرجافُ السرور وإنما *** يومَ اللِّقاء حقيقةُ الإرجافاليومَ ترحٌ وغداً فرح، اليوم عَبرة وغداً حَبرة، اليوم أسف وغداً لطف، اليوم بكاء وغداً لقاء.